مؤشرات على مواجهة جديدة محتملة بين إيران و”إسرائيل”

تدخل المنطقة مرحلة جديدة بالتزامن مع إعادة فرض العقوبات على إيران، وهو تطور يفتح واحدا من أكثر الملفات حساسية في الشرق الأوسط، فالقرار لم يكن اقتصاديا وحسب، بل فتح الباب أمام تداعيات أمنية وعسكرية متشعبة تهدد بتغيير قواعد اللعبة الإقليمية.

وأعيد تفعيل آلية الزناد التي تسمح بفرض العقوبات التي تم تعليقها عقب توقيع الاتفاق النووي عام 2015، رغم رفض المقترح الروسي الصيني بتأجيل الخطوة.

وشملت العقوبات حظرا على تصدير واستيراد الأسلحة، ومنع تخصيب اليورانيوم وإطلاق الصواريخ الباليستية، وتجميد الأصول الإيرانية حول العالم، إضافة إلى تفويض الدول بتفتيش الطائرات والسفن الإيرانية بحثا عن بضائع محظورة.

وفقا لصحيفة “ينت غلوبال” الإسرائيلية، كشفت أن الضربات العسكرية أعادت تشكيل الرأي العام داخل “إسرائيل”، حيث بات الاعتراف واسعا بأن الترسانة الصاروخية الإيرانية تشكل تهديدا وجوديا يتطلب استثمارا ضخما في الدفاعات.

ويضيف الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية عمر معربوني أن إيران من بين الدول القليلة التي تمتلك تقنية الصواريخ الفرط صوتية، مما يجعلها قادرة على تهديد أهداف إستراتيجية إسرائيلية بشكل يصعب اعتراضه.

ومع إعادة فرض العقوبات على إيران، دخلت “إسرائيل” مرحلة متقدمة من الجاهزية، إذ تقدر الأجهزة الأمنية أن الضغوط الاقتصادية قد تدفع طهران إلى تسريع نشاطها النووي والباليستي.

ونقلت صحيفة ينت غلوبال عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله “يجب ألا نُخدع، إيران ما زالت قوة”، في إشارة إلى الخشية من أن العقوبات قد تترجم إلى ردود فعل عسكرية غير متوقعة.

ويعود ذلك، وفقا لحديثه، إلى أن إيران تملك ما يكفي من الصواريخ، وأن البرنامج النووي لم يدمر بالكامل، إذ بإمكان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أن يقرر السعي نحو القنبلة بأي ثمن وبشكل سري.

ونقلت الصحيفة نفسها عن مسؤول آخر قوله “هناك احتمال لمواجهة أخرى، لذلك علينا أن نستعد..لا تشعروا بالخوف، ولكن لا تكونوا متهاونين أيضا، خذوهم على محمل الجد لأن لديهم ما يكفي من الصواريخ، كما أن البرنامج النووي لم يُدمَّر بالكامل”.

وتعتقد “إسرائيل” أن إيران بعد الحرب انخرطت في عملية تعلم مستمرة، فالقادة الإيرانيون يحللون مدى اختراق الاستخبارات الإسرائيلية لدفاعاتهم، مستشهدين باغتيال علماء نوويين، وقتل قادة من الحرس الثوري، وتحييد أنظمة الدفاع الجوي، وتدمير جزء كبير من قوات الصواريخ ومنصات الإطلاق، بحسب ينت غلوبال العبرية.

وبناء على ذلك، ترتكز الإستراتيجية الإسرائيلية في الوقت الراهن على جمع المعلومات الاستخبارية لرصد محاولات إعادة بناء القدرات، وممارسة ضغط دبلوماسي على الصين وروسيا بالتنسيق مع الولايات المتحدة لمنع أي مساعدة لإيران، إضافة إلى تسريع تطوير أنظمة الدفاع الصاروخي مثل منظومة “آرو” (Arrow) الدفاعية والأنظمة المعتمدة على الليزر، بحسب المصدر ذاته.

وفي خطوة ربطتها وسائل إعلام إسرائيلية بتصاعد التوتر واحتمال اندلاع مواجهة واسعة النطاق، هبطت في أبريل/نيسان الماضي طائرة شحن أميركية من طراز “غلاكسي” في إحدى قواعد سلاح الجو الإسرائيلي محمّلة ببطاريات منظومة الدفاع الصاروخي الأميركية “ثاد”، المعروفة بقدرتها على اعتراض الصواريخ الباليستية على ارتفاعات عالية وفي مرحلتها النهائية من التحليق.

وصرح المتحدث باسم الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي، في 28 سبتمبر/أيلول 2025، بأن إيران ماضية في تعزيز قدراتها الدفاعية دون انتظار موافقة من أي جهة خارجية، مؤكدا الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني.

سبق هذه التصريحات إعلان لعضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني أبو الفضل ظهره وند، في 23 سبتمبر/أيلول الماضي، أن مقاتلات ميغ-29 الروسية وصلت إلى إيران كحل مؤقت، في حين ستدخل مقاتلات سوخوي 35 البلاد تدريجيا على المدى البعيد.

ويبدو أن إيران تتوقع احتمال وقوع هجوم جديد، مما يعزز حالة الجاهزية العالية التي تشهدها البلاد والمنطقة، خاصة بعد إعلان إلغاء العرض العسكري السنوي ضمن فعاليات أسبوع الدفاع المقدس في كردستان وهمدان في 22 سبتمبر/أيلول الماضي، حيث أوضح قائد الحرس الثوري أن الاستعدادات ستُركز على الدفاع عن البلاد بدل إقامة التجمعات الواسعة.

تؤكد التطورات العسكرية والتحركات الدفاعية والهجومية لإيران وإسرائيل أن المنطقة على أبواب مرحلة حاسمة من المواجهة الإستراتيجية، وكل ما سبق من مؤشرات تشكل خلفية واضحة لتحليل التوازن العسكري وتقييم احتمالات التحرك الإيراني والإسرائيلي.

زر الذهاب إلى الأعلى