ترامب.. “مخلّص” الشرق الأوسط الذي يشعل حرائقه!

بقلم: علي أمين

لا يحتاج دونالد ترامب إلى تعريف. هو ظاهرة سياسية، عرض تلفزيوني متنقل، ببدلة رسمية وشَعرٍ متمرد، يتنقل بين المنابر كما يتنقل بين التصريحات المتناقضة، يعلن الحرب بيد، ويمدّ الأخرى لنيل “جائزة نوبل للسلام”. رجل لا يؤمن بالتفاصيل، ولا يحب القراءة، لكنه يقدّم نفسه منقذًا للشرق الأوسط، وحامل مفاتيح الجنة السياسية.

■ رجل السلام… بصواريخ دقيقة

ترامب، الذي لم يدخل حربًا جديدة خلال ولايته، بحسب مؤيديه، هو نفسه الذي اغتال قاسم سليماني أمام مطار بغداد، وأعلن القدس “عاصمة أبدية” لإسرائيل، واعترف بالجولان تحت السيادة الإسرائيلية، وفرض “صفقة القرن” كحل مفروض على الفلسطينيين بلا شريك.

كل ذلك باسم “السلام”. سلام على طريقته: أنت لا تتفاوض، بل تُذعن. وإن لم تفعل، فالعقوبات قادمة، وربما الطائرات.

■ البطولة من الاستوديو… والحرب على الهواء

بينما يتحدث ترامب عن إنهاء “الحروب التي لا تنتهي”، تجده في كل أزمة شرق أوسطية يلبس عباءة الجنرال، ويتدخل كأن الشرق الأوسط هو ملعبه الخاص. لا مانع لديه من إشعال نزاع بين إيران وإسرائيل، أو بيع آلاف الأسلحة للسعودية والإمارات، أو دعم الضربات الإسرائيلية في سوريا وغزة، طالما أن الأسهم ترتفع في وول ستريت، والحلفاء يدفعون “كاش”.

كل حرب هي موسم انتخابي. كل دم هو إعلان مدفوع. وكل أزمة هي فرصة لرفع شعبيته بين الجمهوريين.

■ جائزة نوبل… مقابل حرب؟

في مشهد سريالي، قد يخرج ترامب ذات صباح ليقول: “لقد صنعت سلامًا لم يصنعه أحد في 500 عام، وأستحق نوبل”. وبالفعل، لا غرابة إن طلبها، بعد تطبيعات أبراج ترامب في الخليج، وبعد استقباله زعماء من كل حدب وصوب لتوقيع “سلام دافئ” لم تُطلق فيه رصاصة، لكن اشتعل فيه الغضب الشعبي.

يريد ترامب نوبل كما يريد أن يكون النبي المنتظر. هو لا يرى في الشرق الأوسط شعوبًا، بل ساحات شطرنج، يُحرّك فيها الحلفاء والخصوم كما يشاء، ثم يطلب التصفيق.

■ بين المخلّص وصانع الخراب

ترامب يمثل تناقضًا حيًّا: يتحدث كرسول سلام، ويتصرف كتاجر سلاح. يُدين الحروب أمام الكاميرات، ويشعلها في الكواليس. يتحدث عن حقوق الإنسان بينما يمنح القتلة حصانة، وعن الاستقرار بينما يغذي الاستبداد.

هو لا يملك خطة. يملك فقط شعارًا: “أنا الأفضل، والباقي فاشلون”.

وفي النهاية، يبقى الشرق الأوسط هو الخاسر الأكبر من طموحات ترامب “السلامية”، التي تُشعل الأرض وتطلب التصفيق.

زر الذهاب إلى الأعلى