كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في تحقيق استقصائي موسع، عن وثائق وتصريحات لمسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى تؤكد أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اتخذ سلسلة قرارات سياسية وعسكرية أطالت أمد الحرب على غزة، خلافاً لتوصيات القيادة العسكرية التي رأت أن استمرار القتال غير مجدٍ. وأشارت الوثائق إلى أن قرارات نتنياهو طغت عليها المصالح السياسية والشخصية، مما زاد من حدة الخسائر الإسرائيلية والعزل الدولي.
وفقاً للتحقيق، فإن نهج نتنياهو تجاه حركة حماس قبل الحرب ساهم بشكل غير مباشر في تعزيز قوتها، حيث سمح لها بالاستعداد العسكري واللوجستي، بينما كان مشغولاً بإضعاف القضاء الإسرائيلي وتعميق الانقسامات الداخلية، مما أثر سلباً على جاهزية الجيش. وأكد مسؤولون أن سياسة “التقسيم والاحتواء” التي اتبعها نتنياهو تجاه الفلسطينيين فشلت في تحقيق الأمن، بل زادت من شراسة المواجهات.
أبرزت الوثائق أن نتنياهو تجاهل تحذيرات جنرالات الجيش بعدم جدوى الاستمرار في القتال، خاصة في أبريل ويوليو 2024، حيث أصر على مواصلة الحرب رغم الخسائر الميدانية وعدم تحقيق أهداف واضحة. كما انتقد المسؤولون العسكريون تباطؤه في المفاوضات في لحظات حاسمة، بسبب ضغوط حلفائه اليمينيين المتطرفين، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة وتصاعد الغضب الدولي.
كشف التحقيق أن نتنياهو قوض مؤسسات الدولة، خاصة القضاء، قبل الحرب، مما عمق الانقسامات المجتمعية وأضعف التماسك الداخلي في لحظة حرجة. واتهمه مسؤولون بتضخيم الخلافات السياسية لضمان بقائه في السلطة، حتى على حساب الأمن القومي. وأشارت التقارير إلى أن هذه السياسة تركت الجيش الإسرائيلي في حالة إرباك مؤسسي، مما أثر على فاعليته في الحرب.
يُتوقع أن تزيد هذه التسريبات من حدة الجدل داخل إسرائيل، خاصة مع تصاعد المطالبات بمحاسبة نتنياهو على إدارته للأزمة. وفي الوقت الذي تواجه فيه حكومته اتهامات بالفشل العسكري والسياسي، يبدو أن الطبقة السياسية والعسكرية الإسرائيلية بدأت تدفع ثمن قرارات فردية اتخذت بدوافع حزبية ضيقة. هل تكون هذه الوثائق بداية النهاية لعهد نتنياهو؟ سؤال ينتظر إجابته الشارع الإسرائيلي والعالم قريباً.