نتنياهو يقلب المعادلة

في غضون أيام، ينتقل رئيس وزراء الاحتلال من إدارة الأزمات إلى قيادة ضربة جريئة ضد إيران.
ترجمة خاصة – قناة القدس: في الأيام التي سبقت المقابلة، انتشرت تقارير تفيد بفتور العلاقة بين نتنياهو والرئيس دونالد ترامب. فترامب لم يزر إسرائيل خلال جولته الأخيرة في المنطقة، وكان البعض يعتبر ذلك تجاهلًا متعمدًا. كما كانت دول الخليج تعقد صفقات مباشرة مع واشنطن، بينما شعرت إسرائيل بالعزلة.
على مدى عقود، ساعدت شعبية نتنياهو بين المحافظين الأميركيين على ترسيخ مكانته في السياسة الإسرائيلية. لكن مطلع الأسبوع الماضي، بدأ هذا الدعم يتآكل. أصوات من عالم “ماغا” مثل تاكر كارلسون انضمت إلى جوقة من الانتقادات المعادية لإسرائيل ولنتنياهو على حد سواء.
سادت تساؤلات في أوساط النخب اليمينية الأميركية:
* هل دفء ترامب تجاه اتفاق نووي جديد على طريقة أوباما يعني تخلّي الجمهوريين عن نتنياهو؟
* وهل يُفوّت نتنياهو الفرصة التاريخية لتصفية الحساب مع إيران بسبب إدارته الفاشلة للعلاقات مع الحزب الجمهوري؟
على الصعيد الدولي، تحوّل الرأي العام ضد نتنياهو وإسرائيل:
* قرارات إدانة من الأمم المتحدة،
* مذكرات توقيف من المحكمة الجنائية الدولية،
* احتجاجات في الجامعات الغربية،
* حملة فرنسية للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
كل ذلك صبّ اللوم على نتنياهو، واعتُبر سببًا في تفاقم عزلة إسرائيل.
حكومة متصدعة ومحاكم مفتوحة
أما داخليًا، فقد بدت حكومة نتنياهو على وشك الانهيار:
* الأحزاب الدينية هددت بالانسحاب من الائتلاف بسبب فشل الحكومة في إعادة إعفاءات التجنيد لنحو 80 ألف طالب يشيفا (مدارس دينية).
* المعارضة حدّدت موعدًا للتصويت على حجب الثقة في 11 يونيو.
* في الوقت ذاته، ما زال نتنياهو يُحاكم بتهم فساد، وكان أمامه على الطاولة خلال المقابلة رزمة من محاضر المحكمة المشروحة بالقلم.
في واحدة من المفارقات الفريدة، يضطر رئيس وزراء إسرائيل إلى التنقل بين قيادة البلاد وسط حرب، والمثول أمام القضاء بانتظام.
وما يزيد الطين بلّة، أن علاقته بكبار قادة الجيش والمخابرات—وهم شركاؤه في صنع القرارات الحساسة—باتت مشحونة وسامة.
ائتلاف متمرد، مدعون عامون يلاحقونه، خصوم أقوياء يطمحون لإسقاطه، فتور في علاقاته مع ترامب، ضغط أوروبي، وشكوك عسكرية واستخباراتية، وصحافة عدائية—قليل من الزعماء واجهوا هذا الكم من الضغوط مجتمعة.
قلب الموازين في أيام
لكن بنهاية الأسبوع، كان نتنياهو قد قلب المعادلة.
سلسلة من الضربات العسكرية كشفت ضعف النظام الإيراني المهدد والمتغطرس، وأظهرت تفوق إسرائيل الاستخباراتي والعسكري في المنطقة.
انحسرت أزمة الائتلاف، وترامب أثنى على الهجوم الإسرائيلي الجريء.
وكما فعل بعد 7 أكتوبر 2023، استطاع رئيس الوزراء أن يُفعّل الآلة العسكرية الإسرائيلية ويوجّهها نحو سلسلة انتصارات مذهلة أذهلت العالم—حتى لو لم تُقنعه.
خلال لقائنا، لم يفصح نتنياهو عن أسرار، ولم يترك انطباعًا بأن الحرب على وشك البدء. لكنه بدا كرجل *يتغذى على الأزمات، لا تدمّره*.
تحوّل في الأسلوب… وتاريخ يُكتب
لأغلب سنوات مسيرته، كان نتنياهو حذرًا في استخدام القوة، يجمع بين خطاب متشدد وسلوك عملي متأنٍّ—على غرار ترامب.
لكن ذلك تغيّر.
اليوم، يؤمن نتنياهو أن الأوقات الخطيرة تتطلب *قرارات محفوفة بالمخاطر*.
في نظره:
* النظام الإيراني تحركه *كراهية وجودية لإسرائيل.
* وهو يجمع، بشكل منهجي، بين مكونات ترسانة نووية وغير نووية قد تمكّنه من إزالة إسرائيل من الخارطة.
* إسرائيل، من جهتها، أضعفت إيران إلى أدنى مستوى لها منذ عقود.
في هذا السياق، أطلق نتنياهو الحملة التي ستُحدد إرثه السياسي ومستقبل بلاده.
رهان محفوف بالمخاطر… لكن التاريخ يُراقب
إنها اللحظة المفصلية في حياة نتنياهو السياسية.
الحرب بطبيعتها غير قابلة للتنبؤ، وانتصارات إسرائيل المبكرة مشجعة، لكنها لا تضمن النتيجة النهائية.
إيران لا تزال العدو الأخطر رغم ضعفها. كما أن القوة الجوية وحدها قد لا تكون كافية لتحقيق جميع أهداف الحرب.