تقصيرٌ فاضح: نقابة الصحفيين الفلسطينيين تتجاهل معاناة زملائهم في سجون الاحتلال

قناة القدس | في وقت يُستهدف فيه الصحفيون الفلسطينيون بشكل غير مسبوق منذ بدء العدوان على غزة، تتصاعد موجة الغضب في الوسط الصحفي تجاه نقابة الصحفيين الفلسطينيين، وسط اتهامات مباشرة بالتقاعس والتجاهل المتعمد لمعاناة الصحفيين المعتقلين وعائلاتهم.
عشرات الصحفيين تم اعتقالهم تعسفيًا منذ بداية الحرب، كثيرون منهم قضوا شهورًا خلف القضبان تحت وطأة التحقيق والتعذيب والإهمال الطبي، دون تهم واضحة، وفي معظم الحالات تحت ما يُعرف بـ”الاعتقال الإداري”. ومع ذلك، لم تُسجّل النقابة أي خطوات عملية أو تحركات جادة للوقوف عند مسؤولياتها، لا على المستوى القانوني، ولا المهني.
الصحفيون المفرج عنهم يؤكدون أن النقابة لم ترسل أي محامٍ لزيارتهم، ولم تتابع ملفاتهم، ولم تقدم دعماً لعائلاتهم. الأسوأ من ذلك، أن النقابة لم تكلف نفسها حتى بالاتصال بهم أو تهنئتهم بعد الإفراج، ولم تجمع منهم إفادات أو توثق ما تعرضوا له تمهيدًا لرفع قضايا في المحاكم الدولية، رغم أن هذه الشهادات قد تشكل أدوات ضغط قوية في ساحات القانون الدولي.
أحد أبرز الأمثلة على هذا التقصير الفاضح، قضية الصحفي سامي الساعي، الذي أمضى 16 شهراً في سجون الاحتلال تحت الاعتقال الإداري دون تهمة، وخضع خلال فترة اعتقاله لأشكال متعددة من التعذيب والإهمال والتنكيل. لم يتلقَ أي تواصل من النقابة، لا خلال اعتقاله، ولا بعد الإفراج عنه، رغم معرفتهم بوضعه الصعب، وانقطاع راتبه، ومرض طفله الذي كان يخضع للعلاج دون أن تعلم العائلة شيئاً بسبب غياب أي دعم أو تواصل من الجهات المعنية.
الساعي كتب على صفحته منشوراً مؤلماً يتساءل فيه عن دور النقابة، ومكانها من كل ما مرّ به، وعن غياب المحامين، وغياب التضامن، وغياب الحد الأدنى من المسؤولية. كما أشار إلى أن أحد ضباط الاحتلال عايره صراحة بأنه سمح لإبنه بالعلاج في مستشفيات الداخل ولا أحد من المؤسسات الفلسطينية قدمت له شيئ، في مفارقة تفضح حجم الإهمال والتقصير الذي وصل إليه حال الجسم النقابي الفلسطيني.
ويضيف الساعي:
“كنت أتعرض للتعذيب والقهر، وعائلتي تمر بأصعب الظروف، وراتبي مقطوع، وطفلي مريض… لم يسأل عني أحد، لم تصلني زيارة، ولم تصلني حتى مكالمة بعد الإفراج… هل هذه هي النقابة التي تمثل الصحفيين الفلسطينيين؟”.
العديد من الصحفيين يصفون أداء النقابة بأنه انتقائي قائم على “المحاباة والمعايير المزدوجة”، حيث تُبرز ملفات بعينها في الإعلام وتُهمَّش أخرى، بينما تدّعي النقابة أنها تمثل الجميع.
اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يطالب الجسم الصحفي الفلسطيني بإعادة النظر في دور النقابة، ومساءلتها عن مصير الأموال والدعم الذي تتلقاه باسم الصحفيين، ومحاسبتها على غيابها في واحدة من أكثر المراحل دموية واستهدافًا للصحفيين في تاريخ القضية الفلسطينية.