ملف “حاكم غزة”: مؤشرات خطيرة على تفتيت المؤسسات الفلسطينية

حذر الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري في حديثه لإذاعة قناة القدس من خطورة إعادة طرح فكرة تعيين “حاكم لقطاع غزة” في ظل استمرار حرب الإبادة والحصار والتجويع، معتبراً أن التوقيت والجهات المروّجة تهدف إلى حرف الأنظار عن المخاطر الوجودية التي تواجه الفلسطينيين، وتكريس التجزئة وإضعاف المؤسسات التمثيلية.
التوقيت والهدف من إثارة الملف
يرى المصري أن طرح هذا الملف في ذروة الحرب واستمرار المساعي الإسرائيلية لاستكمال السيطرة على غزة ولو بشكل متدرج،
يهدف إلى صرف الانتباه عن القضية الأساسية: التحرر الوطني وإنهاء الاحتلال. ويؤكد أن تحويل المسألة الفلسطينية
إلى ملف “إنساني/اقتصادي أو إعادة إعمار” بعيداً عن حقوق الشعب وهويته الوطنية يشكّل انزياحاً خطيراً عن الجوهر.
شخصيات خارجية وخلفيات أمنية مثيرة للجدل
انتقد المصري قيام جهات أجنبية بالترويج لأسماء فلسطينية لتولّي حكم غزة، وبعضها مرتبط
بشخصيات إسرائيلية سابقة تحمل جنسيات أجنبية وتدير شركات علاقات عامة. وتساءل:
«هل غزة معروضة للإيجار؟ وهل تُدار قيادات الشعب الفلسطيني عبر تفويضات خارجية؟».
ولفت إلى أن أحد الأسماء المتداولة استعان بشركة أمريكية للترويج له مقابل عقود مالية، معتبراً
أن اختيار من يمثل الفلسطينيين عبر قنوات يديرها أشخاص ذوو خلفيات أمنية إسرائيلية أمر
«مُعيب وخطير».
موقف الرئاسة الفلسطينية وتداعياته
بحسب المصري، بدا أن هناك في البداية ضوءاً أخضر لاختبار الفكرة، قبل أن تُبلغ
الرئاسة المعنيّ بوقف التحركات منذ آذار/مارس الماضي. إلا أن الأخير واصل خطواته
مستنداً إلى اتصالات خارجية، ما كشف عن تناقضات وضعف في آليات القرار داخل المؤسسة الفلسطينية،
وطرح أسئلة حول الشفافية في الملفات الحساسة.
بالون اختبار وتشتيت الأولويات
اعتبر المصري أن إعادة إثارة الملف قد تكون «بالون اختبار» لقياس ردود الفعل الفلسطينية والعربية
أو وسيلة لإشغال الرأي العام عن المخاطر الحقيقية. ويحذّر من أن قبول فكرة «حاكم لغزة» قد يفتح
الباب نحو تجزئة المدن الفلسطينية وتآكل وحدانية التمثيل الوطني.
دور الإعلام وإعادة تدوير السردية
أوضح المصري أن القضية أُثيرت قبل أشهر ثم أُغلقت، قبل أن تُعاد للواجهة إعلامياً مؤخراً،
وهو ما ساهم في تضخيمها وإبراز تناقضات معلوماتية وسلوكية لدى بعض الأطراف. ويرى أن
التوسع الإعلامي غير المنضبط أسهم في إطالة عمر الجدل بدلاً من تطويقه.
نقاط أساسية
- الطرح في هذا التوقيت يصرف الانتباه عن المخاطر الوجودية على غزة والقضية الفلسطينية.
- الترويج عبر جهات أجنبية وشخصيات ذات خلفيات أمنية إسرائيلية يمسّ بشرعية التمثيل الفلسطيني.
- تباينات في موقف الرئاسة: استكشاف أولي ثم طلب إيقاف التحركات منذ مارس، لكن الاتصالات استمرت.
- إمكانية أن يكون الملف «بالون اختبار» لقياس ردود الفعل وتشتيت الأولويات.
- الخطر الأكبر: ضرب وحدة التمثيل وتفتيت الجغرافيا والسياسة الفلسطينية.
الخلاصة والرسالة إلى الداخل والعالم
يشدد المصري على أن مواجهة الاستعمار الاستيطاني ومسارات الترحيل والضم تتطلب
برنامجاً وطنياً موحَّداً، وشراكة ديمقراطية، وإصلاحاً عميقاً لآليات القرار،
بعيداً عن الوصفات المفروضة من الخارج. والرسالة الحاسمة: الفلسطينيون حركة تحرر وطني،
وواجب اللحظة هو إنهاء الاحتلال وصون حقوق الشعب في الاستقلال والحرية والعودة.