العدوان على غزة … معادلة “إما الموت أو الرحيل”

خاص – قناة القدس
حذّر الدكتور أمجد شهاب، المختص في الشأن الإسرائيلي والمحاضر القانوني من القدس، من أن العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة لا يقتصر على أهداف عسكرية آنية، بل يرتبط بمشروع سياسي وأيديولوجي يسعى من خلاله رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى فرض واقع تهجيري جديد، على غرار ما جرى تاريخيًا في تجارب استعمارية ودينية متطرفة.
ارتباك إسرائيلي بعد عمليات المقاومة
شهاب أوضح في مقابلة إذاعية أنّ الساعات الأخيرة شهدت حالة إرباك كامل داخل الإعلام الإسرائيلي، بعدما تناقلت مواقع عبرية أنباء عن احتمال وقوع جنود إسرائيليين في الأسر، إثر عمليات نوعية نفذتها المقاومة الفلسطينية في أكثر من محور داخل القطاع.
وأشار إلى أن التضارب والتكتم في الرواية الرسمية للاحتلال يعكس حجم الخشية من تداعيات مثل هذه الأخبار على الرأي العام الإسرائيلي، لافتًا إلى أن ما جرى يعدّ “العملية الأهم منذ السابع من أكتوبر من حيث الحجم والمهارة”.
أهداف حزبية وأيديولوجية
ورأى شهاب أن استهداف الاحتلال المكثف للمدنيين، وارتكابه مجازر متكررة، إضافة إلى محاولات اغتيال شخصيات بارزة وتسويق شائعات حولها، يندرج ضمن “محاولة امتصاص الغضب الداخلي الإسرائيلي”، وكذلك سعي نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة إلى إرضاء جمهورها المتشدد الذي يطالب بمزيد من القوة والعقاب الجماعي.
وأضاف: “نتنياهو منذ عقود يطرح فكرة إعادة السيطرة الكاملة على غزة، ويرى نفسه قائدًا سيحقق وعودًا توراتية ببناء إمبراطورية، لذلك فإن العدوان الجاري ليس معزولًا عن هذه العقلية المؤدلجة”.
إستراتيجية التهجير والتجويع
وأكد شهاب أن الهدف المركزي للاحتلال هو تهجير سكان القطاع من خلال سياسة التدمير الشامل للمنازل، وفرض معادلة قاسية تقوم على “إما الموت وإما الرحيل”.
وأشار إلى أن التجويع الممنهج وقطع المياه والكهرباء يدخلان في إطار “هندسة الفوضى” التي يسعى الاحتلال من خلالها إلى دفع المدنيين قسرًا للنزوح، مضيفًا أن هذه السياسة تجد جذورها في العقائد الدينية المتطرفة التي تبرر “تطهير الأرض من الأغيار”.
تحديات الاحتلال: صمود المدنيين والمقاومة
وبحسب شهاب، يواجه الاحتلال إشكاليات ميدانية كبرى، أبرزها:
-
رفض السكان مغادرة غزة رغم شدة القصف، وهو ما ظهر في بيانات العشائر واجتماعاتها الأخيرة.
-
شبكة الأنفاق التي تمثل تهديدًا عسكريًا كبيرًا للجيش الإسرائيلي.
-
خطر أسر الجنود الذي يطارد المؤسسة العسكرية.
وأكد أن الأهداف المعلنة مثل “استعادة الأسرى بالقوة” أو “القضاء على المقاومة” باتت بعيدة المنال، خصوصًا في ظل صمود المقاومة وتجذرها في المجتمع الفلسطيني.
أزمة سياسية داخل إسرائيل
تحدث شهاب عن تنامي الانقسامات والاحتجاجات داخل إسرائيل، لكنه اعتبر أن المعارضة لا تمتلك وزنًا قادرًا على إسقاط الحكومة، مشيرًا إلى أن استمرار المظاهرات لم يصل بعد إلى مستوى تعطيل الحياة العامة، وهو ما يسمح لنتنياهو بالمضي قدمًا في الحرب، مدعومًا بمساندة أمريكية وغربية واسعة رغم البيانات الشكلية من بعض الدول الأوروبية.
سيناريوهات المرحلة المقبلة
أما عن أفق التسوية، فقد رجّح شهاب أن يضطر الاحتلال إلى قبول صفقة جزئية مؤقتة في حال تزايد خسائره البشرية، لكنه شدّد على أن الهدف الأعمق يبقى تهجير سكان غزة وتكرار نموذج “وارسو”، من خلال محو المدينة وتفريغها من سكانها، بهدف تحقيق “انتصار صوري” أمام الداخل الإسرائيلي والعالم.