تقرير للغارديان : الفظائع التي تعرض لها الفلسطينيين سيكون لها عواقب وخيمة على الغرب

نقل تقرير نشرته صحيفة غارديان البريطانية وأعده كاتب العمود بالصحيفة أوين جونز عن أسرى فلسطينيين محررين تفاصيل مروعة عن التعذيب الجسدي والنفسي والإهمال الطبي المتعمد داخل سجون إسرائيل، دون أن توَجّه لهم حتى تهمة واحدة.
وذكر التقرير أن عدد الفلسطينيين المحتجزين دون توجيه تهمة نحو 2800 معتقل، وذلك بعد أن أتاح قانون أُقِرّ عقب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول للجنود الإسرائيليين احتجاز أي شخص يشتبهون به إلى أجل غير مسمى، وفق ما أورده كاتبا التقرير وليام كريستو وسهام طنطيش.
جزاء الغرب
وقال جونز في مقال ، إن ما ارتكبته إسرائيل في غزة بدعم غربي ليس جريمة بحق الفلسطينيين فحسب، بل جريمة تُعيد صياغة الغرب ذاته، أخلاقيا وسياسيا، وتفضح تواطؤ حضارته مع الإبادة.
وحذر جونز في مقاله من أن الأهوال والجرائم التي ارتكبت في غزة، والتي تم تسهيلها والتغاضي عنها وتطبيعها من قبل الحكومات والنخب الإعلامية الغربية، ستعود وتنعكس على الغرب نفسه في شكل تصاعد للفاشية، وتآكل للنظام الدولي، وتطبيق أساليب القمع والتجريد من الإنسانية محليا.
وأشار جونز إلى تحذيرات الماضي المروع، مستشهدا بالمفكر الفرنسي إيمي سيزير الذي قال إن الاستعمار “يُفسد المستعمِر قبل المستعمَر، ويعمل على تجريد المستعمِر من الحضارة، ويوقظ فيه الغرائز الدفينة والطمع والعنف وكراهية الأعراق”.
وأضاف سيزير أن أهوال الإمبريالية الغربية، بعنفها وتجريدها للضحايا من الإنسانية، ارتدّت في نهاية المطاف لتضرب أوروبا نفسها على هيئة الأيديولوجية الفاشية، وهو ما سمّته الفيلسوفة الألمانية الأميركية حنة أرنت بـ”الارتداد الإمبراطوري”.
وخاطب جونز القراء قائلا: “ثقوا بأن الفظائع التي سمح بها الغرب في غزة ستطرق أبوابه قريبا”.
ونقل المقال عن المحلل الفلسطيني محمد شحادة قوله إن “الفلسطينيين يصرخون محذرين مما سوف يواجهه الغرب لاحقا، فحين يكون لديك طبقة إعلامية سياسية تستلذ وتفرح بمقتل أطفالنا، هل تظن أنها ستهتم بأطفالك؟”.
عواقب مرتقبة
والسؤال الآن، برأي جونز، هو: ماذا سيرتد على الغرب من “حقول الموت” في غزة؟ مشيرا إلى أن القطاع أصبح “مختبرا للعنف والإبادة”، وفق الباحث الإسرائيلي شموئيل ليدرمان.
وفي هذا الصدد لفت جونز إلى تحذير الصحفي الأسترالي أنتوني لوينشتاين من أن إسرائيل دائما ما تجرب اختراعاتها على الفلسطينيين ثم تصدرها، ويشمل ذلك برامج التجسس وتقنيات التعرف على الوجه والمسيرات وأنظمة استهداف مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
كما أكد الكاتب أن اليمين المتطرف في أوروبا وحول العالم، والذي كثرت مظاهراته مؤخرا ضد المهاجرين، يرى إسرائيل كـ”دولة إثنية” يقتدى بها ونموذجا لحضارة تخوض حربا “عادلة” ضد الإسلام.
ولفت إلى أن قادة اليمين المتطرف الأوروبيين بدؤوا يطالبون بالفعل بتطبيق نموذج إسرائيل لوقف الهجرة وطرد المهاجرين من أوروبا، ومنهم حزب فوكس في إسبانيا، وحزب فيلدرز في هولندا.
وأشار جونز إلى أن كل “إبادة” -في غزة أو في أي مكان- تتطلب نزع الإنسانية عن ضحاياها، فقد وصف القادة الإسرائيليون الفلسطينيين بأنهم “حيوانات بشرية” و”وحوش”، ودعوا إلى “محو غزة عن وجه الأرض”، في لغة تُعبّر عن عقيدة عنصرية ممنهجة.
ووفق جونز، سيكون لذلك عواقب وخيمة على الغرب، حيث إن نزع الإنسانية بات يُستخدم إستراتيجية في الداخل، إذ عمل الغرب على شيطنة ومعاقبة مواطنيه الذين احتجوا على الحرب بغزة، وسط صعود اليمين المتطرف الغربي الذي يعتبر المسلمين واليسار (مثل منظمة “أنتيفا” المناهضة للفاشية) أعداء له.
وخلص الكاتب إلى إن ما يُرتكب في غزة لن يبقى محصورا هناك، فكل تكنولوجيا قمعية وأسلوب تجريد من الإنسانية مارسته إسرائيل على الفلسطينيين بغزة بدعم من الغرب سيعود ليطول الغرب نفسه، وحذّر من أن التاريخ المظلم يعيد نفسه دائما عندما يختار الناس تجاهل دروسه.