قصف إيران؟ على ترامب أن يفكر بما سيحدث بعد ذلك

ترجمة خاصة – قناة القدس: بينما تمرّ أيام جديدة من التصعيد، يبدو أن إسرائيل وإيران عالقتان في دوامة صراع تتسع تدريجيًا، في وقت لا تزال فيه خطط إسرائيل غير واضحة، لا سيما فيما يتعلق بكيفية إشراك الولايات المتحدة. على الرئيس دونالد ترامب أن يكون حذرًا من أن يُجرّ إلى حرب جديدة، ناهيك عن أن ينخرط في محاولة شاملة لإسقاط النظام الإيراني.

حتى الآن، تبدو أهداف واشنطن وتل أبيب متباينة. فقد ناشد ترامب إيران العودة إلى طاولة المفاوضات والتوصل بسرعة إلى اتفاق للحد من برنامجها النووي، بهدف وقف القصف الإسرائيلي العنيف—الذي أدى بالفعل إلى تصفية قادة عسكريين إيرانيين، وألحق أضرارًا بمنشآت نووية ومرافق طاقة.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يُظهر أي نية للتوقف، حتى لو وعد النظام الإيراني بإعادة الانخراط في المحادثات النووية.

أهداف إسرائيل الحقيقية: أبعد من النووي؟

توسّعت الضربات الجوية الإسرائيلية لتشمل المطارات، ومصانع، ومراكز شرطة محلية في أنحاء إيران. ويبدو أن الهدف من العملية قد تجاوز بكثير تدمير البرنامج النووي أو وقف الصواريخ الباليستية التي تستهدف المدن الإسرائيلية.

تشير المعطيات إلى أن نتنياهو يسعى، سواء صرّح بذلك أم لا، إلى إنهاك الدولة الإيرانية بالكامل، وتسريع سقوط *الجمهورية الإسلامية*. وربما يعتقد أن هذه النتيجة باتت قريبة المنال، خاصة بعد أن دمّرت إسرائيل وكلاء إيران في غزة وجنوب لبنان خلال الأشهر الـ18 الماضية، وسقوط بشار الأسد في سوريا، الذي خَلَفَه نظام أكثر اعتدالًا، ما جعل إيران معزولة كآخر نظام معادٍ بشدة لإسرائيل في المنطقة.

ويبدو أن الإغراء “بإنهاء المهمة” بات أقوى من أي وقت مضى.

فوردو: العقدة المحصّنة

رغم كل ذلك، ستواجه إسرائيل صعوبة في تدمير منشأة فوردو، أقوى منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية، والمحصّنة بخرسانة مسلّحة ومخبأة على عمق مئات الأمتار داخل الجبل.
تمتلك الولايات المتحدة القنبلة الخارقة للتحصينات GBU-57 MOP القادرة على تدميرها، لكن إسرائيل لا تملك هذه القنبلة ولا طائرة *B-2* الشبح القادرة على حملها.

بالتالي، فإن إشراك أميركا عبر شنّ غارات بطائرات B-2 سيكون ضروريًا لتدمير فوردو لكن ذلك يعني دخول أميركا بشكل مباشر في الحرب ضد إيران.

ورغم أن ترامب يميل إلى تجنب التورط في صراعات شرق أوسطية لا نهاية لها، إلا أنه يبدو ممزقًا بين معسكرين داخل قاعدته:

1. معسكر مؤيد لإسرائيل ومعادٍ لإيران يدفع نحو تدخل عسكري أميركي مباشر لدعم الحملة الإسرائيلية.
2. معسكر انعزالي (أميركا أولًا) يقول إن إسرائيل بدأت الحرب، ويجب أن تنهيها بمفردها.

في هذه الأثناء، تطالب إسرائيل صراحة ترامب بالتدخل عسكريًا.

رد إيران المحسوب… حتى الآن

حتى الآن، امتنعت إيران عن مهاجمة قواعد أو أصول أميركية في الشرق الأوسط، ربما حرصًا منها على عدم منح البيت الأبيض ذريعة لدخول الحرب. وربما اقتنعت بتصريحات ترامب المتكررة التي تؤكد أن واشنطن لا تُساعد إسرائيل في حملة القصف.

لكن الحقيقة أن أميركا *منخرطة حتميًا*، بشكل مباشر أو غير مباشر. فهي الشريك الدولي الأساسي لإسرائيل، وتساعدها في صدّ هجمات الصواريخ الإيرانية، وتملك القدرة على التأثير على قرارات قيادتها.

دروس من التاريخ: إسقاط النظام لا يعني الانتصار

يجب أن يدفع التاريخ القريب واشنطن إلى الحذر. فالحملة الجوية الأميركية الأوروبية التي أسقطت معمر القذافي عام 2011 تركت ليبيا في حالة انهيار وفوضى. أما التجربة المأساوية لأميركا في أفغانستان، فكانت مثالًا على أن إسقاط النظام سهل نسبيًا، لكن إقامة نظام معتدل وشرعي هو المهمة الأصعب.

لذلك، إذا كان الهدف الحقيقي لنتنياهو هو تغيير النظام في طهران، فيجب على الولايات المتحدة أن تطالبه بتوضيح كيف سيحدث ذلك، وماذا بعد.
وعلى ترامب أن يسأل نفسه: ما الذي يمكن فعله لمنع انهيار إيران إلى فوضى تُنذر بتطرف أكبر وزعزعة أمن المنطقة؟

النافذة تضيق

في الوقت الحالي، لا تزال هناك مسارات أخرى ممكنة—منها استئناف عاجل للمفاوضات النووية. لكن هذه الفرص قد لا تبقى متاحة طويلًا.

زر الذهاب إلى الأعلى