من الاحتواء إلى المواجهة: هل قلب نتنياهو السياسة الإسرائيلية رأساً على عقب؟

بقلم: بن كسبيت
صحيفة “معاريف” العبرية

لا نستطيع بعد تحديد النتائج النهائية لما حدث. البرنامج النووي الإيراني قد يكون قد دُمر إلى الأبد أو قد يكون قابلاً للإعادة. النظام الإيراني قد يصمد أو ينهار. بنيامين نتنياهو قد يدرك أخيراً أن ملف غزة استنفد أغراضه وأنه حان الوقت لاستعادة الأسرى الذين تخلى عنهم منذ 7 أكتوبر. لكن هناك حقيقة واحدة أصبحت واضحة: لقد تغير كل شيء، ولن يعود الوضع كما كان.

لأجيال عديدة، باعت إسرائيل أمنها مقابل الهدوء. سياسة “إدارة الصراع” والردع والاحتواء انهارت جميعها في يوم واحد. ثمن هذا الدرس كان مروعاً: مجزرة 7 أكتوبر، الأسوأ في تاريخ الدولة، كانت النتيجة المباشرة لسياسة التردد والخوف من المواجهة. نتنياهو، الذي قاد هذه السياسة لعقدين، تحول فجأة من رئيس “الاحتواء” إلى قائد حرب.

كانت روح نتنياهو المهيمنة على المؤسسة الأمنية تتمثل في:

  • تجنب الحروب بأي ثمن

  • إطلاق النار تحذيرياً فقط

  • التغاضي عن التحرشات في مزارع شبعا

  • تجاهل التفجيرات في مجيدو وحديقة يركون

  • إدارة الصراع بدلاً من حسمه

لكن 7 أكتوبر أنهى هذه المرحلة بعنف. اليوم يجب أن نتعامل مع جيراننا بعقلية “صاحب البيت المجنون” الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته.

لماذا اندلعت الحرب مع إيران؟ ليس بسبب اختراق نووي واضح، ولا بسبب أمر صريح من خامنئي بتصنيع القنبلة. السبب كان تسارع إيران في:

  • تشغيل “مجموعة السلاح”

  • زيادة تخصيب اليورانيوم

  • تطوير الصواريخ الباليستية

  • التخطيط لتسليح وكلائها بأنظمة صاروخية متطورة

هذه الحرب، برأيي، هي أكثر الحروب مبرراً منذ حرب الاستقلال.

اتخذ القرار في نوفمبر-ديسمبر 2024 بقيادة:

  • رئيس الأركان إيال زامير

  • رئيس المخابرات العسكرية شلومي بيندر

  • رئيس الأركان السابق هرتسي هليفي (مصمم الخطة الرئيسي)

  • رئيس الموساد دادي برنيا

أدار نتنياهو المشاورات عبر “مجموعة السبعة” التي ضمت كحلون، درعي، بن غفير، سموتريتش، درمر، ساعر، بالإضافة إلى نفسه. الغريب أن حتى سارة نتنياهو لم تُعلم، حيث كانت منشغلة بتحضيرات زفاف ابنها.

رغم السرية غير المسبوقة، تسربت أنباء عن الهجوم عبر الصحفي المقرب يعقوب بردوغو. لكن إيران فوجئت لأنها كانت تعيش في وهم “الردع الإسرائيلي” القديم.

يجب الاعتراف بأن نتنياهو اتخذ القرار الصحيح، وإن كانت دوافعه ليست كلها نبيلة. لكنه بقي كما هو:

  • نفس الآلة الدعائية تعمل

  • نفس الهجمات على نفتالي بينيت رغم دفاعه عن إسرائيل دولياً

  • نفس النفاق السياسي حيث تحول “الخونة” من الطيارين والمخابرات إلى “أبطال” بين ليلة وضحاها

نحن أمام مفارقة:

  • نمدح عبقرية إسرائيل: علمائها، مهندسيها، طياريها

  • لكننا ننتقد حكومتها: تآكل الخدمة المدنية، التعيينات غير المهنية، هيمنة رجال الدين، التراجع عن القيم الليبرالية

الخاتمة المرة هي أنه إذا نجح نتنياهو في مشروعه، فستتحول إسرائيل من دولة ديمقراطية إلى دولة دينية رجعية، بينما قد تصبح إيران التي نحاربها أكثر ليبرالية منا.

زر الذهاب إلى الأعلى