مصر وتركيا في مناورات عسكرية مشتركة .. إلى إين تتجه المنطقة ؟

لأول مرة منذ 13 عاما، تشارك قوات من الجيش المصري في الأراضي التركية ضمن تدريب بحري مشترك يعرف باسم “بحر الصداقة 2025″، يستمر حتى السادس والعشرين من الشهر الجاري.
هذه المناورات، التي تتضمن فرقاطات تركية وزوارق هجومية وغواصة ومقاتلات F-16 إلى جانب وحدات بحرية مصرية، تمثل نقلة نوعية في التعاون العسكري بين البلدين.
أقيمت الفاعليات في قاعدة “أقصاز” البحرية بمنطقة مرمريس (جنوب غربي تركيا)، تحت شعار “التعاون في بحر الصداقة، وتوحيد القوة في الوطن الأزرق”.
وقال العقيد البحري أحمد قاتشر، في مؤتمر صحفي على متن فرقاطة الريس عروج التركية، إن هذا التمرين عمل ثنائي مع البحرية المصرية، مضيفاً أن “الهدف من التمرين هو ضمان التوافق التشغيلي بين القوات البحرية التركية والمصرية وتطوير التعاون العسكري مع مصر”.
وحضر الفاعليات قائد القوات البحرية التركية الأدميرال قادر يلدز، ورئيس أركان القوات البحرية المصرية اللواء محمد حسن الشربيني، إذ بدأت بتحية مشتركة من الفرقاطة “الريس عروج”.
وتضمنت الأنشطة عمليات إنزال جوي لأفراد عسكريين أتراك، تلتها عمليات إنزال بحري لأفراد مصريين، إضافة إلى تمرين لنقل الإمدادات بين سفن متجاورة في أثناء إبحارها. واختتمت الفاعليات برفع العلمين التركي والمصري على السفينة واستعراض عسكري للوحدات البحرية والجوية المشاركة.
المحلل مصطفي يتيم يرى أن المحرك الأبرز لهذا المسار هو المشهد الجيوسياسي الذي أعقب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث تسعى إسرائيل لفرض هيمنة أحادية توسعية وعدوانية تهدد استقرار المنطقة بأسرها، من غزة إلى قطر. ويوضح أن هذه التهديدات دفعت قوى إقليمية مركزية -مثل تركيا ومصر والسعودية والجزائر وإيران- إلى تجاوز خلافاتها القديمة والانخراط في مسارات تعاون أمني مشترك.
فيما يرى المحلل السياسي علي فؤاد جوكشه أن الهجوم الأخير الذي شنته تل أبيب في العاصمة القطرية الدوحة مثّل دليلا على إصرار إسرائيل على مواصلة سياساتها التصعيدية، ويعتبر أن المناورات رسالة سياسية وعسكرية مفادها أن تركيا ومصر، أكبر قوتين إقليميتين مسلمتين في شرق المتوسط، تقفان معا في مواجهة السياسات الإسرائيلية. ويضيف أن التدريبات العسكرية في جوهرها تهدف إلى اختبار خطط العمليات المحتملة، ما يعني أنهما ترغبان في إظهار قدرتهما على التنسيق الميداني والاستعداد لأي سيناريو طارئ.
خبراء عسكريون واسترتيجيون يروا أن هذا المستوى من التعاون غير مسبوق خلال ربع قرن، وأن العلاقات بين القاهرة وأنقرة خلال السنوات الخمس الماضية اتجهت نحو تصفير المشاكل، وفتح قنوات تعاون في مجالات متعددة، من التصنيع العسكري المشترك إلى المناورات البحرية والبرية والقوات الخاصة.
ويأتي هذا التقارب في ظل مواجهة الطرفين تهديدات مباشرة لأمنهما القومي، خصوصا من إسرائيل. وتدل هذه المنارورات على درجة عالية من درجات التعاون العسكري ، وهي مؤشر على تنسيق سياسي يتجاوز المناورة العسكرية إلى رسم مواقف إقليمية مشتركة، لا سيما في الملف الفلسطيني.
في المقابل، كشفت تقارير عن تسليم إسرائيل لمنظومة دفاع جوي متقدمة من طراز باراك MX إلى قبرص، قادرة على اعتراض الطائرات المسيّرة والمقاتلات والصواريخ المجنحة بمدى يصل إلى 150 كيلومترًا. خطوة من شأنها أن تغيّر معادلات التغطية الجوية في شرق المتوسط، وتفتح الباب أمام تصعيد محتمل مع تركيا.
وزارة الدفاع التركية علّقت بلهجة حذرة لكنها حازمة، مؤكدة أنها تتابع التقارير عن كثب، وقد اتخذت كل الإجراءات اللازمة لضمان أمن “جمهورية شمال قبرص التركية”. أنقرة حذرت في الوقت نفسه من أن التسلح المستمر من الجانب القبرصي قد يفضي إلى “عواقب خطيرة”.
هذه التطورات تأتي بينما تعمل تركيا على مشاريع استراتيجية دفاعية كبرى، من بينها مشروع “القبة الفولاذية” المضادة للطائرات المسيّرة والصواريخ، إضافة إلى بناء ملاجئ في مختلف المحافظات، في خطوة تعكس استشعارها لاحتمالات المواجهة.
فيما تواصل القاهرة تطوير ترسانتها العسكرية وتنويع مصادر السلاح. فقد كشف موقع “تاكتيكال ريبورت” أن مصر تجري حاليا محادثات مع شركة الدفاع السويدية “ساب” لشراء طائرات متعددة المجالات للإنذار المبكر والتحكم المحمول جوًا.