نتنياهو: من “حارس إسرائيل” إلى “مغيّر وجه العالم”… حين يصبح الدمار مشروع بقاء

بقلم علي أمين


في خطاب ناري وغير مسبوق، أطلق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو سلسلة تصريحات تعكس حجم التوترات الإقليمية، وتكشف عن فكر توسعي يرى في الحرب وسيلة للبقاء، وفي تدمير الآخر ضمانة للوجود.

قال نتنياهو: “بن غوريون قرر إقامة دولة إسرائيل، وأنا قررت الحفاظ على وجودها”. وبينما كان بن غوريون يؤسس كيانًا على أنقاض شعب، يبدو أن نتنياهو يحاول تثبيت حكمه على أنقاض دول وشعوب بأكملها.

وفي واحدة من أكثر التصريحات خطورة منذ بدء العدوان، صرّح نتنياهو: “غزة لم تعد موجودة، وكذلك لبنان، وسيكون الأمر كذلك مع إيران”. إعلان لا يحمل فقط نبرة استعلاء مفرط، بل يكشف عن رؤية لا تؤمن بالسلام أو التهدئة، بل ترى في الإبادة حلًا وفي استمرار الحرب استراتيجية حكم.

ولم يتردد نتنياهو في تحميل الأسرى الإسرائيليين في غزة مسؤولية استمرار الحرب، حين قال إنهم “العائق أمام إنهاء الحرب في القطاع”. وهو بذلك لا ينظر إلى قضيتهم من زاوية إنسانية، بل يراهم عبئًا سياسيًا يعطل تنفيذ خطته للقضاء الكامل على حركة حماس، ما يعكس فكرًا يعتبر الجنود وقودًا لمعادلات الميدان، لا أرواحًا يجب إنقاذها.

واستغل نتنياهو خطابه لتأكيد الدعم الأمريكي، قائلًا: “الولايات المتحدة آتية لمساعدتنا، والطيارون الأميركيون يشاركون بإسقاط الطائرات الإيرانية”. في إشارة واضحة إلى انخراط أمريكي متزايد في الحرب، قد ينذر بتوسّع الصراع إقليميًا وربما دوليًا.

وأكثر ما يثير القلق، هو ما ختم به حديثه: “قلت إننا سنغيّر وجه الشرق الأوسط، لكننا الآن نغيّر العالم”. عبارة تنضح بجنون العظمة، وتحمل إيحاءات بأن حرب إسرائيل لم تعد دفاعية – كما كانت تزعم – بل مشروع كوني لتغيير معالم المنطقة والعالم.

قراءة في الخطاب:

  • نتنياهو لا يتحدث كقائد دولة فقط، بل كمن يرى نفسه فوق الإقليم والعالم.

  • تصريحاته تعكس مأزقًا سياسيًا داخليًا يحاول الهروب منه عبر نيران الخارج.

  • وربط مصير إسرائيل بمحو دول وشعوب هو سابقة سياسية قد تفتح أبوابًا على صراعات طويلة الأمد.

الرسالة باتت واضحة: نتنياهو لا يريد فقط كسر غزة أو ردع لبنان أو تحجيم إيران… بل يريد أن يعيد تشكيل المنطقة بالنار، وأن يُخلّد نفسه في التاريخ على حساب حاضر الشعوب ومستقبلها.

زر الذهاب إلى الأعلى