حافة الانفجار: متى تتدخل واشنطن في مواجهة إيران؟

بقلم سمير أبو سرحان
التدخل الأمريكي.. احتمال يقترب من الحقيقة
بينما تتسارع تطورات المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية على نحو غير مسبوق، يلوح في الأفق احتمال بات أكثر واقعية: تدخل عسكري أمريكي مباشر، ليس كخيار بعيد، بل كمسار محتمل في الساعات أو الأيام المقبلة.
هذا الترجيح لا يقوم على التحليل النظري فحسب، بل على ثلاث حقائق ميدانية تتقاطع كلها نحو هذا الاتجاه:
أولًا: إسرائيل عاجزة عن الحسم منفردة
رغم التفوق العسكري الإسرائيلي، فإن واقع الميدان يكشف حدود هذه القدرة. الضربات الإيرانية باتت أكثر دقة وجرأة، والدفاعات الجوية لم تعد كافية لطمأنة الجبهة الداخلية، التي تعيش حالة من الاستنزاف المستمر. الاقتصاد يتراجع، والمجتمع في حالة تأهب دائم لا يمكن الاستمرار فيه طويلًا.
ثانيًا: إيران ترفض الانحناء
الردود الإيرانية لم تكن فقط رمزية، بل استراتيجية، واستهدفت عمق المدن الإسرائيلية وقواعد عسكرية حساسة. طهران تُظهر تصميمًا على كسر المعادلات التقليدية، وهي تدير معركتها بحسابات دقيقة، لكنها لا تتراجع. الرسالة واضحة: لا استسلام، ولا تفاوض تحت النار.
ثالثًا: واشنطن لا تترك إسرائيل وحدها
منذ قيام “إسرائيل”، لم يحدث أن تُركت في مواجهة تهديد وجودي دون غطاء أمريكي مباشر. ومع تعاظم الضغوط على البيت الأبيض، سياسيًا وأمنيًا، من الداخل والخارج، يصبح التدخل الأمريكي ليس احتمالًا فقط، بل ضرورة استراتيجية ضمن العقيدة الأمريكية في حماية الحلفاء.
بين سيناريوهين كلاهما صعب
الوضع الحالي لا يُبقي مجالًا واسعًا للمناورة:
-
إيقاف الهجوم الإسرائيلي الآن دون تدمير البرنامج النووي أو الصاروخي الإيراني يعني هزيمة سياسية وعسكرية لإسرائيل، ستُفهم إقليميًا على أنها تراجع وفشل ذريع.
-
الاستمرار على هذا النحو يعني غرق إسرائيل أكثر في مستنقع استنزاف مفتوح، لا تحتمله لا داخليًا ولا اقتصاديًا، في ظل ضربات إيرانية متتابعة ونوعية.
لهذا، فإن التدخل الأمريكي يظهر كخيار وسطي يحفظ التوازن، ويعيد ضبط قواعد الاشتباك.
ماذا لو تدخلت واشنطن؟
إذا قررت الولايات المتحدة التحرك، فثمة سيناريوهات مفتوحة:
-
ضربة أمريكية محدودة ومحسوبة: تستهدف منشآت استراتيجية إيرانية، وتفتح الباب أمام خفض التصعيد وعودة التفاوض، مقابل “حفظ ماء الوجه” لجميع الأطراف.
-
ضربة شاملة ومؤثرة: تدفع إيران إلى الرد بشكل مباشر، ربما عبر استهداف القواعد الأمريكية في الخليج، أو عبر تعطيل الملاحة في مضيق هرمز، ما يعني انزلاقًا خطيرًا نحو حرب إقليمية مفتوحة.
-
اشتعال المنطقة: وهو أخطر السيناريوهات، حيث قد ينخرط حلفاء إيران من لبنان، اليمن، العراق وسوريا في المعركة، مما يهدد بنسف الاستقرار الهش في عموم المنطقة.
خاتمة: المنطقة على حافة النار
في ظل توازنات القوة واختلالاتها، لم تعد الأسئلة تدور حول “هل” ستتدخل أمريكا، بل “متى” و”كيف”. الشرق الأوسط يقف على مفترق طرق تاريخي، وتداعيات الساعات المقبلة قد ترسم ملامح مرحلة جديدة من الصراع، تتجاوز حدود إيران وإسرائيل… لتشمل الجميع.