محور غامض يفتح شهية الاحتلال للبقاء في غزة

يكشف الباحث رامي أبو زبيدة أن ما يُعرف بمحور “ماغين عوز”، الذي افتتحه جيش الاحتلال في قلب مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، ليس مجرد ممر عسكري، بل يُعد جزءًا من خطة أمنية–سياسية شاملة، تهدف إلى تفكيك البنية الجغرافية والتنظيمية للقطاع، وفرض واقع ميداني يخدم المصالح الإسرائيلية في أي ترتيبات قادمة، سواء تفاوضية أو ميدانية.

ويؤكد أبو زبيدة في تحليل عسكري، أن الهدف العملياتي الأبرز لهذا المحور هو تقسيم خانيونس إلى قسمين؛ جزء شرقي تم إفراغه قسريًا من سكانه ويقع تحت سيطرة الاحتلال بشكل شبه كامل، ويُوصف بـ”المنطقة المطهّرة من حماس”، وجزء غربي لا يزال يشهد اشتباكات ووجودًا قويًا للمقاومة، ويحتضن أكثر من مليون نازح في منطقة المواصي، ما يجعل السيطرة الإسرائيلية عليه هشة وغير مستقرة.

ويرى أبو زبيدة أن شق هذا المحور يمهّد لإقامة “جيوب أمنية” معزولة وخالية من المقاومة، تُستخدم لاحقًا كمناطق عازلة أو نقاط تمركز عسكري، بما يسمح بإعادة هندسة المشهد الميداني لصالح الاحتلال، عبر عزل الكتلة السكانية عن البنية المقاومة، وتفكيك الاتصال الجغرافي بين وحدات العمل المقاوم.

ويضيف أن “ماغين عوز” يمنح الاحتلال أدوات تفاوض مرنة في المستقبل، حيث يمكنه عرض انسحابات جزئية من محاور محددة كجزء من تنازلات مشروطة، مقابل تحقيق مكاسب سياسية، أو تمرير صفقات تبادل أسرى، ما يجعل المحور ورقة ضغط جديدة تُدار بميزان الميدان لا الطاولة السياسية.

كما يربط أبو زبيدة هذا المحور بمخطط أوسع تحت مسمى “المنطقة الإنسانية البديلة”، يتم فيه توسيع رقعة سيطرة الاحتلال شرق خانيونس وربطها برفح لتقديمها كمنطقة إنسانية محمية، تُدار بغطاء دولي خالٍ من المقاومة، بهدف فصل المدنيين عن المقاتلين، في إعادة إحياء لتجارب الاحتلال السابقة جنوب لبنان وأريحا في التسعينيات.

وفي السياق ذاته، أكد القيادي في حركة حماس باسم نعيم أن فتح محور جديد يفصل شرق خان يونس عن غربها “لا يغيّر الكثير ميدانيًا، لأن غزة كلها تحت سيطرة الاحتلال عسكريًا”، لكنه اعتبر هذه الخطوة دليلاً إضافيًا على نوايا الاحتلال طويلة الأمد بالبقاء في القطاع وعدم الانسحاب أو إنهاء الحرب.

وقال نعيم إن ما يجري “يكذّب كل ما يدعيه الاحتلال على طاولة المفاوضات أو يبلغه للوسطاء”، مؤكدًا أن “الانخراط الإسرائيلي في العملية التفاوضية هو فقط من أجل الصورة الداخلية وتخفيف الضغط الدولي”، مضيفًا أن الاحتلال لم يسلّم أي خرائط جديدة منذ أسبوع، وجاء الرد العملي اليوم بفتح هذا المحور الذي يقسم خانيونس إلى نصفين.

ويختم أبو زبيدة بالتحذير من أن “ماغين عوز” يُمثّل أداة هندسة أمنية وجغرافية تهدف إلى إعادة تشكيل قطاع غزة ميدانيًا، وتحييد البيئة السكانية عن المقاومة تدريجيًا، وتوسيع سيطرة الاحتلال دون الحاجة لاجتياح كامل، في محاولة لفرض واقع جديد عنوانه: “تهدئة تحت السيطرة مقابل إدارة إنسانية بلا سيادة”.

زر الذهاب إلى الأعلى