في الدامون… أجساد الأسيرات تحت تهديد الإغتصاب وصرخاتهن تُقابل بضحكات السجّانين

قناة القدس | “سأعود يا أمي”… جملة نطقتها الأسيرة الفلسطينية لينا راشد عويضة مسك بصوت مرتجف وقلب يغلي بالشوق، لكنها حملت في طياتها أيضًا نداء استغاثة من خلف قضبان سجن الدامون، حيث لم يعد القيد وحده هو العذاب، بل باتت الكرامة الإنسانية نفسها في مرمى انتهاكات الاحتلال.

لينا، ابنة مدينة الخليل وأمٌ لثلاثة أطفال، روت لمحامي الأسيرات حسن عبادي تفاصيل صادمة عن ما يجري في أقسام النساء داخل السجن، مؤكدة أن الاعتداء الجسدي والنفسي بات ممنهجًا، وأن التهديدات بالانتهاكات الجنسية تُستخدم كوسيلة تحطيم يومية ضد الأسيرات.

تقول لينا:

“في إحدى الليالي، اقتحمت قوات القمع قسمنا… سحبونا من الغرف، كنا مكلبشات، مغمّضات العينين، ماسكينا من روسنا ومن ورانا، ضرب بالساحة، شبح، وتهديدات صريحة بالتحرش والإغتصاب والانتهاك… السجّان ينظر للصبايا ويتساءل أمامهن: “مين أنسب؟ مين الأفضل؟” ثم يضحكون بصوت عالٍ، كأنّ ما يفعلونه تسلية، بينما نحن نتجمّد من الخوف”.

هذا المشهد، كما وصفته لينا، لم يكن عابرًا بل تكرر، وسط استخدام الكلاب البوليسية، العزل، الشبح بالأصفاد، والضرب المبرح. وقد تعرّضت هي شخصيًا لإصابة في يدها بعد اعتداء عنيف، أدى إلى خروج العظم، “بس الحمد لله مش كسر” كما قالت، رغم أن الألم ما يزال حاضرًا في جسدها وروحها.

لكن الانتهاك الأكبر، كما تروي، هو في التهديد الجنسي المبطّن والمباشر الذي تتعرض له الأسيرات، دون حسيب أو رقيب، في ظل صمت المجتمع الدولي وتواطؤ المؤسسة الإسرائيلية.

وفي زاوية أخرى من السجن، تقبع الأسيرة تهاني سرحان، وهي حامل في شهرها الثامن وتعاني من مرض التلاسيميا، دون توفير الحد الأدنى من الرعاية الصحية أو التغذية المناسبة، وسط ظروف اعتقال غير إنسانية، تهدد حياتها وحياة جنينها.

الأسيرات يصفن يومياتهن داخل الدامون بأنها “أيام بلا وقت، بلا صوت، بلا حقوق”، مؤكدات أن الإدارة تتعمد إذلالهن في كل تفاصيل الحياة: من وجبات الطعام السيئة، إلى النقل بالبوسطة، إلى منع رؤية الأهل، وحتى التنكيل في ساحات الفورة.

ورغم كل ذلك، ما زالت لينا متمسكة بالأمل، تحدثت عن مشاريعها بعد الحرية، وكيف ستفتح مركزًا لدعم النساء والأطفال، وتجهّز “بوفيه مفتوح” لكل حرائر الدامون فيه كل ما اشتهينه داخل الزنزانة، قائلة: “شوفتكم بتسوى الدنيا كلها”.

إنها ليست مجرد شهادة… بل صرخة إنسانية تتطلب موقفًا.

زر الذهاب إلى الأعلى