في تطور لافت يعكس تصاعد التخبط داخل حكومة الاحتلال، قرر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو تعيين بتسلئيل سموتريتش، المعروف بتوجهاته اليمينية المتطرفة، مديرًا للحرب في قطاع غزة وقائمًا بأعمال وزير الجيش، في خطوة أثارت انتقادات داخلية واسعة وقلقًا من تداعياتها على إدارة الحرب والملف الإنساني في القطاع المحاصر.
القرار يأتي في وقت تعاني فيه المؤسسة العسكرية من حالة ارتباك وفشل متكرر في إدارة الأوضاع الميدانية والإنسانية، وسط ضغوط دولية متصاعدة. ووفقًا لما أورده الكاتب الإسرائيلي آفي أشكنازي في صحيفة “معاريف”، فإن الجيش تحول فعليًا إلى ما يشبه “محطة إطفاء” لفوضى قرارات القيادة السياسية التي تتسم بالتناقض والتسرع، دون تخطيط أو دراسة.
وكان سموتريتش قد قاد خطوات تصعيدية في الملف الإنساني، أبرزها تقليص عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة من 4500 أسبوعيًا إلى بضع مئات، بالإضافة إلى الدفع باتجاه إنشاء ما سُمي بـ”مدينة إنسانية” في رفح، تكون بمثابة مخرج جماعي لسكان غزة، ومحاولة فرض رؤيته بإقامة محور “موراج”، رغم تحفظات هيئة الأركان على جدواه العسكرية.
في واحدة من أبرز مشاهد التخبط، اتصل سموتريتش بنتنياهو بعدما أظهرت صور وجود مسلح على شاحنة مساعدات داخل غزة، ما أدى إلى صدور قرار فوري بوقف دخول الشاحنات دون أي نقاش أو تقييم للوضع. وبعد يوم ونصف فقط، وتحت ضغط وفد من الاتحاد الأوروبي، عاد الاحتلال وسمح بإدخال المساعدات فورًا، مجددًا دون نقاش أو خطة واضحة.
التقارير تشير إلى أن جيش الاحتلال بات يعيش حالة من “الهستيريا”، مع استمرار فشله في كسر إرادة المقاومة، واستمرار عجزه عن تحقيق أهدافه في مفاوضات تبادل الأسرى، وسط تصلب موقف حماس وعدم توفر أدوات ضغط فعالة دون التورط بخسائر فادحة.
وفي محاولة متأخرة لتدارك الوضع، فتحت سلطات الاحتلال المعابر مع مصر، وسمحت بإسقاط المساعدات جوًا من قِبل الأردن والإمارات، كما أعادت ربط الكهرباء بمحطات التحلية، وسمحت بإدخال الأدوية ومواد النظافة للمستشفيات في غزة.
الكاتب الإسرائيلي ختم بالإشارة إلى أن “إسرائيل” وجدت نفسها في مأزق اختارته بوعي، وأنها تحاول الآن الهروب من أزمة خلقتها سياساتها المتطرفة، وسط إدراك متأخر بأن الحصار الإنساني لن يحقق لها شرعية أو إنجازًا سياسيًا.