النكبة الحقيقية هي فقدان الذاكرة بالكامل

المشهد ذاته يتكرر منذ قيام الاحتلال الإسرائيلي!
خاص- قناة القدس – مها خضر: في مقولة لأحد الغزيين بأن “من عاش حرب الإبادة في قطاع غزة لن يعترف بأن النكبة هي ماحدث بالـ48 فقط، بل المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في القطاع منذ أكتوبر 2023 لا يوازيها أي مجزرة حدثت على مر التاريخ”
وأكمل “النكبة الحقيقية هي فقدان الذاكرة بالكامل والأماكن والأشخاص والحياة والمنزل والأمان و العائلة والأصدقاء، هل تخيلت يوماً أن تفقد كل شيء دفعة واحدة دون السماح لك بلحظة وداع أخيرة؟
غزة- مخيم النصيرات- 2024 حرب الإبادة
في صباح يوم السبت 8 يونيو، الساعة الحادية عشر صباحاً، استيقظتُ من النوم على صوت إطلاق نار كثيف ظننت بأنه شجار عائلي قلت بيني وبين نفسي” حتى بالحرب المشاكل! ” بعدها سمعت صراخ أمي على والدي و إخوتي الذين خرجوا مُسرعين لمعرفة مايحدث بالخارج، فكان المشهد دموي حيث تسللت قوة خاصة تابعة للاحتلال محتمية بعائلة فلسطينية نازحة تبحث عن مأوى، صعدت القوة إلى المنزل المقابل لنا وقامت بإعدام كل من في المنزل وتمركزت القناصة على إحدى الشبابيك وبدأت بإستهداف كل من يتحرك في الشارع بمساندة من طائرة “الكواد كابتر”، دقائق حتى أصبح إطلاق النار نحو إخوتي بكثافة من قبل قناصة الاحتلال، نجوا بأعجوبة وقتها، إزدادت وتيرة القصف المدفعي والجوي، وكنتُ مازلت في الغرفة، حين قصفت طائرة الـ “F16 ” منزل الجيران وأصبح يتساقط السقف علينا، تجمعنا 10 أشخاص في مكان لايتسع لأربعة، في حين نتلو آيات من القرآن الكريم وحينًا آخر نُصلي.
القصف مازال مستمراً وبعد كل طلقة نسمع صراخ الشبان “شهيد.. شهيد.. بدنا إسعاف” بقينا محاصرين لمدة ثلاثة ساعات في منزلٍ مُتهالك يسقط منه جزء مع كل غارة، بعدها جاء شُبان المخيم يطلبون من الجميع مغادرة المنازل نحو مشفى العودة الذي يبعد عنا مسافة 100 متر فقط، خرجنا وكأننا نعيش أهوال يوم القيامة الشارع مليء بالشهداء والجميع يركض نحو المشفى وآخرون يحملون جرحى، بعد ساعتين من إنتظار إنتهاء الكابوس باغتتنا طائرات الاحتلال برمي “برميل متفجر” نحو المربع السكني الذي كنا فيه، وأعلن التلفاز عن انتهاء الحدث الذي وصفه بالأمني، أسفر عن ارتقاء نحو 210 مواطناً وإصابة أكثر من 500 كل ذلك كان لتحرير 4 رهائن وفق ادعائهم!
عادت بي ذاكرتي لحدثٍ كنت قد عشتهُ و لا أذكرهُ إلا قليلاً”
شمال قطاع غزة “مخيم جباليا”- 2003
الراديو ثابت على “إذاعة الحُرية” وبأعلى صوت”ما تبكي يا فلسطين على حالك والله وإرفعي راسك بأبطالك” كنتُ لا أتجاوز الـ4 سنوات عندما سمعت لأول مرة أغنية “لاتحزن معاك الله يا أعظم شعب” تفاعلتُ معها ببراءة دون فهم كلماتها أو ما يحدث حولي، خرج المذيع بالخبر العاجل معلن عن “استشهاد عدد من الشبان الفلسطينيين برصاص جنود الاحتلال” ، قاطعه صوت أمي” لاحول ولا قوة الا بالله، متى سيتوقف شلال الدم، متى سيرتاح هذا الشعب” وأكمل الراديو” وإن الموت فدا الأوطان مش إرهاب”…..
في ساعات الليل إزدادت الأوضاع سوءاً أصبح الحدث على باب المنزل، القناصة تعتلي بناية سكنية على بعد ثلاثة بيوت وتطلق النار نحو كل شيء يتحرك على الأرض، بعد دقائق من أصوات الإشتباك سمعنا صوت شاب يصرخ “ساعدوني، طخوني، حد يساعدني” لم يستطع أحد التحرك أو اغاثته وبعدها شاب آخر، وغيره، جميعهم كانوا مقاومين ارتقوا بعد معركة عنيفة مع جنود الاحتلال، ولكن لم تنتهي المعركة حتى يومنا هذا09:35