الاحتلال يسجن أربعة جنود لرفض تنفيذ مهمة بغزة

أُرسل أربعة جنود من لواء “ناحال” في جيش الاحتلال الإسرائيلي، إلى السجن لمدة عشرة أيام، أمس الثلاثاء، بعد رفضهم التنقّل نهاراً، بمركبة “هامر” غير مصفحة في منطقة لم يسيطر عليها الجيش بالكامل في غزة. وبحسب ما نشرته هيئة البث الإسرائيلية (كان)، اليوم الأربعاء، تبيّن أنّ هدف المهمة كان إدخال “عمّال” ليقوموا بدورهم بنقل آليات هندسية. وكان الجنود قد طلبوا تنفيذ المهمة في الظلام، كما فعلوا في العديد من المهام السابقة، لكن طلبهم قوبل بالرفض.
وقال أحد الجنود: “نحن القوة الأخيرة في مدينة غزة، لا توجد قوات بعدنا. طُلب منا السير في محور طرق شديد الخطورة محاط بمبانٍ لم يدمّرها الجيش بعد. مثل هذه المهام تُنفذ إما بواسطة دبابة أو مركبة مصفحة أو في الليل. نفذنا عدداً لا يُحصى من هذه المهام في الظلام، ولم نفعل ذلك أبداً في وضح النهار. هذا طريق مليء بالحديد، واضطررنا للتوقف فيه حتى أثناء السير ليلاً. في النهار نكون معرضين لإطلاق نار. من السهل أن نتعرض لنيران قناصة أو قذائف آر بي جي. طلبنا تنفيذ المهمة قبل عدة ساعات، في الظلام”.
“عضة كلب”
أضاف الجندي: “هذا تهديد حقيقي لحياتنا. مثل هذه الأمور حدثت بالفعل، وكان على الجيش الإسرائيلي أن يتعلّم منها. الأمر يشبه إرسال جنود للسيطرة على منزل دون سترات واقية. لو كانت المهمة إنقاذ جرحى أو مهمة عملياتية، فنحن أول من يقفز، لا يهمني حتى إن قُتلت إذا كنت أنقذ أصدقائي. نشعر وكأنهم (أي في الجيش) بصقوا في وجوهنا (أهانونا). قبل أسبوع، لم يُسمح بإخلاء جندي أصيب إصابة طفيفة من عضة كلب خلال النهار بسبب الخطر. أظهرونا وكأننا متمرّدون ونتصرف بوقاحة، وأُرسلنا إلى السجن لاستخلاص العبر. هذه الوحدة تناور منذ دخول لواء ناحال إلى القطاع ولم ترفض أي أمر قط من قبل”.
وقالت والدة أحد الجنود، والتي تمثّل الأمّهات الأربع: ” لقد أذلّوا أبناءنا. بعضهم من بيوت صعبة، وقاتلوا من أجل الانضمام للجيش والوجود في غزة. وفقدوا زميلاً لهم في الكتيبة، في الآونة الأخيرة، برصاص قناص. أن يسافروا في مركبة غير مصفّحة في وضح النهار؟!، ألم يتعلموا (في الجيش) شيئاً مما حدث في السابع من أكتوبر (تشرين الأول 2023)؟ كلهم (الجنود الأربعة) أرادوا العودة، لكنهم حطموا قلوبهم، وسحقوهم. وما لم يسحقوه فيهم حتى الآن، فعلوه في المحكمة”.
ورد قائد الكتيبة على أقوال أهالي الجنود قائلاً: “هذا حدث خطير يتمثل في رفض تنفيذ أمر يتعلق بمهمة عملياتية. أنا قائد الكتيبة، أتخذ قرارات تتعلق بحياة البشر في كل دقيقة، وتقدير المخاطر مقابل أهمية المهمة هو من مسؤوليتي. لقد جرى تجاوز خط أحمر هنا، وهو رفض تنفيذ مهمة شرعية تماماً (وهذا تقديري الشخصي). مثل هذا التصرف يضرّ بنسيج التضامن المتبادل بين الجنود في الكتيبة، وبروح القتال، ويؤثر في باقي الجنود الذين يعرّضون أنفسهم للخطر أيضاً من أجل إنجاز المهمة”.
وحذر من أنّ “الخط الرفيع الذي يسمح لجندي بالتشكيك في قرار قائد الكتيبة بشأن تنفيذ أو عدم تنفيذ مهمّة هو ما سيؤدي إلى تفكك الإطار بأكمله، وسيحطم الثقة بين القادة والجنود وبين الجنود أنفسهم، وسيضر بالكتيبة كلها. من يثق بي في قيادة هذه الكتيبة لأكثر من نصف عام في الحرب، عليه أن يثق في تقديري لأهمية المهام. ولن أخوض هنا في أهمية هذه المهمة”.
وعلّق ناطق باسم جيش الاحتلال بأنّ “الجيش يواصل عملياته في قطاع غزة من أجل تحقيق أهداف الحرب (..) في الحدث المذكور، رفض أربعة جنود تنفيذ أمر يتعلق بمهمة عملياتية ضرورية، تُنفذ كجزء من إدارة منظمة للمخاطر خلال القتال. وبناءً على ذلك، خضع الجنود للمحاكمة وحُكم عليهم بالسجن لمدة عشرة أيام”.
وتابع “قبل الخروج للمهمة، جرى إجراء مصادقة منظمة على الخطط، والتي تقرر خلالها أن تُنفذ المهمة نظراً لأهميتها، ومن أجل الحفاظ على استمرارية أداء القوات في القتال. كانت المهمة مقررة في مسار آمن تتحرك فيه القوات بشكل منتظم ومنسق. الجيش الإسرائيلي ينظر بخطورة إلى رفض الأوامر من أي نوع، وقد جرى حوار مع الجنود أُكّد خلاله أهمية المهمة ومساهمتها في الجهد العملياتي”.