مسارات حاسمة أمام مصر لمواجهة “مخطط التهجير”

مع تصاعد حرب الإبادة في قطاع غزة، برزت مصر كطرف محوري في مواجهة مخطط التهجير الذي يلوّح به رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

فالحديث عن استخدام معبر رفح كمنفذ لإخراج الفلسطينيين من القطاع أثار توترات دبلوماسية وسياسية، وجعل القاهرة أمام امتحان حساس يمس الأمن القومي المصري والبعد القومي الفلسطيني

الاتهامات الإسرائيلية لمصر بأن الأخيرة تفضل “سجن سكان غزة الراغبين في مغادرتهم” قوبلت برفض قاطع من القاهرة، التي اعتبرت أي محاولة لاستخدام معبر رفح للتهجير تجاوزًا للخطوط الحمراء الوطنية والقومية.

ومؤخرا بدأ جيش الاحتلال بتوسيع عملياته في مدينة غزة، ودعا سكانها إلى مغادرة شمال القطاع والاتجاه نحو الجنوب عبر شارع الرشيد، مع الحديث عن إنشاء “منطقة إنسانية” في خان يونس.

وفي الوقت نفسه، استهدفت “إسرائيل” أبراجًا سكنية، بعد غضب وزير جيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس من نشر حماس فيديو لأحد الأسرى.

هذه المؤشرات تكشف، بحسب الخبراء والمحللين، عن ملامح الهدف الإسرائيلي القديم المتجدد: تفريغ غزة من سكانها بالقوة. التهجير، الذي يُطرح أحيانًا تحت عنوان “نزوح طوعي”، يبدو أن إسرائيل تسعى له عبر حصار شامل وقصف استراتيجي، مع تقديم خيارات معدة مسبقًا للضغط على السكان للفرار.

لكن السؤال الجوهري يبقى: من الذي يتحدث عن فتح معبر رفح؟ هل الهدف إنساني فعلاً، أم بوابة لتفريغ غزة؟ نتنياهو تحدث عن حق الفلسطينيين بالخروج، متجاهلاً أن “إسرائيل” هي من تفرض حصار القطاع من البر والبحر والجو، وتدمر البنية التحتية، ما يحول غزة إلى سجن كبير ويترك الحديث عن “حرية الخروج” دون مصداقية.

وترفض مصر استخدام معبر رفح كمنفذ للتهجير، واعتبرت ذلك تجاوزًا للخطوط الحمراء الوطنية والقومية.

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد أن المعبر لن يكون بوابة لتهجير الفلسطينيين، مشدداً على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية فقط.

هذا الموقف يعكس وعي القاهرة بخطورة فرض أي مشروع تهجير على الفلسطينيين، الذي سيشكل انتهاكًا للقانون الدولي، ويؤثر مباشرة على الأمن القومي المصري.

كما أن مصر ترى في أي تهجير محاولة لإعادة إنتاج مأساة النكبة على أرض قطاع غزة.

وأوضح رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية سمير غطاس أن تصريحات نتنياهو نفسها برّأت مصر من تهمة إغلاق معبر رفح، حيث قال إن مصر ستغلق المعبر فقط إذا ضغطت “إسرائيل” على الفلسطينيين للخروج.

وأشار غطاس إلى أن المعبر مفتوح بالفعل لإدخال المساعدات والعالقين، مؤكداً أن مصر منذ اليوم الأول رفضت أي تهجير قسري.

كما أشار إلى أن التهجير لا يتوافق مع القانون الدولي، الذي يعطي الحق في البقاء على الأرض أولاً، وليس الخروج تحت القصف والحصار.

زر الذهاب إلى الأعلى